أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

كريستوفر كولومبس ملاح موهوب أم غازٍ متهور؟

هل يستحق كريستوفر كولومبوس التكريم ؟

يعتبر يوم كولمبوس إجازة وطنية في العديد من دول الأمريكيتين،حيث يقام احتفال سنوي بمناسبة اكتشافه للقارتين في 12 أكتوبر 1492 وهذا ما يؤجج مشاعر السكان الأصليين في كل مناسبة حيث يشكل ذلك ذكرى أليمة بالنسبة لهم يجددون في كل مرة من خلالها المطالبة بإزالة التماثيل التي تكرم كولومبوس.

يعد إرث كريستوفر كولومبوس أحد أكثر الموضوعات المثيرة للجدل في التاريخ الأمريكي،فبيمنا يرى البعض أن الرجل فتح الباب لولوج أمريكا يرى آخرون انه جلب الخراب وأسس تجارة الرقيق التي استمرت قرونًا.
كريستوفر كولومبس  فاتحٌ أم غازٍ ؟

فهل كان هذا الرَّجلُ ملاحا مستكشفًا أم غازيًا ؟

 كولومبوس المستكشف العظيم

  • كان كولومبوس مجرد نتاج لعصره.

يشير مؤرخ عصر النهضة ويليام ج. كونيل إلى أنه سيكون من التقصير الحكم على تصرفات كريستوفر كولومبوس بما يتعارض مع المعايير الحديثة. ففي حين أن استخدام أسرى الحرب كعبيد لا يمكن تصوره اليوم، إلا أنه كان ممارسة شائعة في أوروبا منذ زمن أرسطو. كما أنه بالنسبة لمسيحيي القرن الخامس عشر كان إخضاع المتوحشين تحت سيطرة المسيح يعتبر عملاً من أعمال الرحمة والتقوى. ولعل ذلك جعل كولومبوس وراعيته الملكية الملكة إيزابيلا يعتقدان أنهما ينقذان سكان العالم الجديد من اللعنة الأبدية ويمنحونهم هدية الحضارة.

  • لقد أدخل البشرية إلى عصر جديد.

من خلال رحلاته العديدة وأخبار رحلاته التي ألهمت عددًا لا يحصى من الرحالة الاستكشافيين وبمجرد أن تمكُّنِ الأوروبيون من الوصول إلى جميع أنحاء العالم تقريبًا، بدأ عصر حديثٌ جديد عصر جديد سيغير وجه العالم إلى الأبد.

بدأ كولومبوس التبادل الكولومبي (مصطلح ظهر عام 1972 من طرف ألفرد كروسبي وهو مؤرخ أمريكي) وهو نقل الأفكار والنباتات والحيوانات والتقنيات والثقافات عبر خط المحيط الأطلسي، حيث أثرت هذه التفاعلات بشكل كبير على شعوب جانبي المحيط. في الواقع كان إدخال نباتات العالم الجديد إلى الأنظمة الغذائية الأوروبية والآسيوية أمرًا أساسيًا للطفرات السكانية التي تلت ذلك.

شكلت رحلات كولومبوس أولى خطوات العالم نحو العولمة وقد أحدثت هذه العملية تحولا في تاريخ الإنسانية وأدت في بعض الأحيان إلى الصراع لكنها ولدت أيضا التعاون والتبادلات الهادفة التي شجعت حدوث تطورات إيجابية للناس في كل ركن من أركان العالم.

  • كان كولومبوس رجلاً عصاميًا.

ولد كولومبوس لعامل صوف إيطالي لا يملك أرضًا. وبدأ شق طريقه على متن السفن التجارية عندما كان مراهقًا ثم حصل على تعليم خاص حيث درس رسم الخرائط والرياضيات وعلم الفلك والملاحة على طول شواطئ البحر أين كان يعمل.

كان كولومبوس هادئًا في جهوده للعثور على راع لرحلته لقد عرض فكرته على الملوك في البرتغال وفرنسا وإنجلترا قبل أن يحصل أخيرًا على دعم فرديناند وإيزابيلا الإسبانيين واللذين عيناه أميرالًا ونائبًا للملك.

 كولومبوس المجرم الغازي

  • كولومبوس المجرم.

منذ رحلته الأولى إلى الغرب أظهر كولومبوس ميلًا للقسوة والتجرد من الإنسانية حيث خلص تقرير كولومبوس الأول إلى الملكة إيزابيلا إلى أن رجال قبيلة تاينو في جزر الهند الغربية كانوا قذرين وصالحين للحكم تماشيًا مع اعتقاده بالدونية الأصلية.
أنشأ كولومبوس أول نظام اقتصادي في العالم الجديد وهو نظام الجزية الذي يرقى إلى مستوى العبودية للسكان الأصليين الذين، ثم قام بنشر نظام السخرة الإقطاعي من خلال منح الأراضي للمستوطنين الإسبان.
لم تكن العبودية هواية كولومبوس الوحيدة فقد أعرب المبشر الإسباني بارتولومي دي لاس كاساس Bartolomé de las Casas وهو راهب إسباني عن أسفه لأن كولومبوس ألقى الناس حرفيًا للكلاب.
كانت وحشية كولومبوس معروفة جدًا لدرجة أن التاج الإسباني عزله بتهمة الجلد والإعدام خارج نطاق القضاء للمستوطنين الإسبان.هذا يعني أن الملوك الذين قادوا محاكم التفتيش الإسبانية وأحرقوا الناس حرفيًا،شعروا بأن كولومبوس كان قاسيًا للغاية. فكرفي ذلك !!

  • كان نجاح كولومبوس عرضيًا.

لم تكن إنجازات كولومبوس بسبب قدراته بل بسبب عدم كفاءته وسوء تقديره. كانت مهمة كولومبوس الأولية هي اكتشاف طريق سريع إلى آسيا عبر المحيط الأطلسي ولأسباب واضحة اليوم لم يكتشف كولومبوس أبدًا مثل هذا الطريق، ولم يكتشف الذهب أو الأحجار الكريمة والتوابل التي وعد بها رعاته الإسبان.

لم يكن لديه موهبة في الجغرافيا وأصر كولومبوس على أن كوبا هي اليابان ثم الصين. وكان مقتنعا بأن جزر البهاما هي جزر قبالة سواحل الهند (ومن هنا جاءت التسمية الجغرافية الخاطئة جزر الهند الغربية).

  • كولومبوس قهر وأباد الشعوب الأصلية.

وعلى النقيض من النظرة إلى العالم الجديد باعتباره امتدادًا مترامي الأطراف من البرية غير المقطوعة. كانت الأمريكيتان موطنًا لملايين السكان وكان وصول كولومبوس بمثابة إشارة إلى حدوث اضطراب كبير وسرعان ما تم القضاء عليهم بسبب الحروب وانتشار الأمراض وأيضا الاستعباد والقهر الثقافي والسياسي.

تشير التقديرات إلى أنه في غضون 20 عامًا من وصول كولومبوس إلى هيسبانيولا (هايتي اليوم) تقلص عدد السكان الأصليين إلى 11000 نسمة بعد أن كان 300000 نسمة واستمرت عملية "إضفاء الطابع الأوروبي" على السكان الأصليين لعدة قرون وأدت في نهاية المطاف إلى القضاء على مئات الحضارات في جميع أنحاء نصف الكرة الغربي.

خلاصة القول

توفي الملاح الشهير في عام 1506 في إسبانيا قبل أن يدرك مدى ما حققه. لقد وطئت قدماه عالما جديدا قام الأوروبيين باستعماره واستغلال ثرواته ثروات ساهمت في جعل إسبانيا دولة غنية ولها نفوذ استمر على مدى القرن الموالي ولكنه أيضا كان سببا مباشر لقرون من الاستعمار الوحشي والتجارة بالعبيد عبر المحيط الأطلسي، فضلا عن موت الملايين من سكان أمريكا الأصليين.

ساهم كريستوفر كولومبوس في ربط الشرق بالغرب ولكن ذلك كان على أنقاض جماجم السكان الأصليين.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-