العوامل المؤثرة في المد والجزر
قبل أن ندخل في التفاصيل المتعلقة بأصل المد والجزر (دون استخدام تفسيرات علمية معقدة) دعونا نبدأ بالإجابة على سؤال بسيط.
ما هو المد و الجزر؟
إنها حركة منتظمة لمستوى البحاروالمحيطات هذه الظاهرة تجعل الماء يرتفع عندما يكون البحر أو المحيط أقرب إلى القمر(حيث ينجذب الماء إليه بقوة) أو ينخفض عندما لا يقابل سطح الماء القمر وينجذب إلى قوة الطرد المركزي،أما الشمس فتجذب سطح الماء بنفس الطريقة ولكن بشكل أقل قليلاً من القمر (لأنه أبعد). إذا كلاهما يؤثر على المحيطات والبحار.في عام 1687 أوضح السير إسحاق نيوتن أن المد والجزر في المحيطات ينتج عن جاذبية الشمس والقمر اللتان تمارسان على محيطات الأرض.
وينص قانون نيوتن للجذب العام على أن قوة الجذب بين جسمين تتناسب طرديًا مع كتلتهما وتتناسب عكسيًا مع مربع المسافة بين الجسمين. ولذلك كلما زادت كتلة الأجسام وكلما اقتربت من بعضها البعض زادت الجاذبية بينها وتبلغ قوة توليد المد والجز بالنسبة للشمس حوالي نصف قوة توليد المد والجزر بالنسبة للقمر.
تأثير تغير الزوايا
كما رأينا للتو فإن ارتفاعات المد والجزر تتماشى مع مواقع القمر والشمس،وبمرور الوقت تتغير مواقع هذه الأجرام السماوية بالنسبة إلى خط استواء الأرض. إن التغيرات في مواقع القمر و الشمس النسبية لها تأثير مباشرعلى ارتفاعات المد والجزر اليومية وعلى كثافة تيارات المد والجزر.أثناء دوران القمر حول الأرض تزداد زاويته وتقل بالنسبة إلى خط الاستواء وهذا ما يعرف بانحرافه. يتبع ارتفاع المد والجزر التغيرات المتعلقة بانحراف القمر كما يؤدي أيضًا إلى زيادة أو نقصان زواياهما بالنسبة إلى خط الاستواء، وبالمثل يتغير الموقع النسبي للشمس بالنسبة إلى خط الاستواء على مدارالعام مع دوران الأرض حولها.
يؤثر انحراف الشمس على الفصول وكذلك على المد والجزر. أثناء الاعتدال الربيعي والخريفي "21 مارس و23 سبتمبر على التوالي "تكون الشمس في أدنى حد لانحرافها لأنها تقع مباشرة فوق خط الاستواء بينما في" 21 يونيو و22 ديسمبر" أي ما يقابل الانقلاب الصيفي والشتوي على التوالي "تكون الشمس في أقصى انحراف لها أي أكبر زاوية لها مع خط الاستواء".
تأثير الموقع والمسافة
يظهر القمر جديدًا- مظلمًا- عندما يكون مباشرة بين الأرض والشمس ويظهر القمر كاملاً عندما تكون الأرض بين القمر والشمس.نسمع أحيانًا في الأخبار خلال عاصفة ساحلية أن التأثيرات على الخط الساحلي ستكون أكثر خطورة بسبب ارتفاع المد والجزر بشكل خاص.ويرجع ذلك إلى موقع القمر والشمس بالنسبة للأرض والجاذبية الناتجة في مراحل مختلفة من الدورة القمرية.
للقمر تأثير كبير على المد والجزر ولكن الشمس تولد أيضًا قوى مد كبيرة ويبلغ حجم المد والجزر الشمسي حوالي نصف حجم المد والجزر القمري.
تؤثر جاذبية القمر والشمس معًا على المد والجزر على الأرض خلال شهر كامل،فعندما تكون الشمس والقمر والأرض في محاذاة (ما يوافق ظهورالقمرالجديد أو اكتمال القمر) فإنه وفي كلتا الحالتين تضاف جاذبية الشمس إلى القمر مما يزيد أو ينقص شدة المد و الجزر أكثر من المعتاد. كلا الجسمين يبذلان قوة تراكمية على الأرض وهذا ما يسمى بالاقتران، ولأن هاتين القوتين تعملان على سحب سطح الأرض في نفس محور الاتجاه فإننا نشهد مدًا مرتفعًا أعلى ومدًا منخفضًا أقل مما نراه طوال الشهر في موقع معين. هذه هي الفترة خلال الدورة القمرية التي نشهد فيها المد الربيعي.
يصبح لِمَدِّ الشمس تأثير إضافي على المد القمري مما يؤدي إلى حدوث مد وجزرعال للغاية ومد وجزر منخفض للغاية ويسمى هذا (المد والجزر الربيعي) وهو مصطلح تاريخي شائع لا علاقة له بموسم الربيع و يحدث مرتين في كل شهر قمري طوال العام بغض النظرعن الموسم.
بعد أسبوع واحد يكون القمر في وضع زاوية قائمة بالنسبة للشمس مما يجعل قوة الجاذبية للجرمين تعمل في اتجاهين متعاكسين على سطح الأرض حيث يلغي المد الشمسي المد القمري جزئيًا وينتج مد معتدل يُعرف باسم المد والجزر الخفيف. خلال كل شهر قمري تحدث مجموعتان من المد الربيعي ومجموعتين من المد والجزر الخفيف
مثلما تؤثر زوايا الشمس والقمر والأرض على ارتفاعات المد والجزر على مدار الشهر القمري كذلك تؤثر المسافات بينها وبين بعضها البعض. ولأن القمر يتبع مسارًا بيضاويًا حول الأرض فإن المسافة بينهما تختلف بحوالي 31000 ميل على مدار الشهر.
عندما يكون القمر أقرب إلى الأرض (عند الحضيض) تكون قوى توليد المد والجزر أعلى من المعتاد مما يُنتج نطاقات أعلى عن المتوسط في المد والجزر. وبعد حوالي أسبوعين عندما يكون القمر في أبعد نقطة عن الأرض (في الأوج) تكون قوة رفع المد القمري أصغر وتكون نطاقات المد والجزر أقل من المتوسط.
يحدث وضع مماثل بين الأرض والشمس فعندما تكون الأرض أقرب إلى الشمس (الحضيض الشمسي) والذي يحدث حوالي 2 يناير من كل سنة تقويمية تتعزز نطاقات المد والجزر بينما عندما تكون الأرض في أبعد نقطة عن الشمس (الأوج) حوالي 2 يوليو تقل نطاقات المد والجزر.
الخلاصة
مع اشراقة كل شمس و حتى ظهورالنجوم ليلاً فإننا على ثقة من أن مياه المحيطات سترتفع وتنخفض بانتظام على طول شواطئنا. لكن من الآن فصاعدا لن ترى القمر بنفس الطريقة التي اعتدت عليها وستنظر الآن إلى موقعه قبل أن تُقرر السباحة أو ركوب الأمواج.