العلم وراء لماذا يمر الوقت عندما نستمتع
هل وجدت نفسك يومًا تفكر في أن الأيام تمر بشكل أسرع بكثير مما كانت عليه من قبل؟ لقد فعلت ذلك بالتأكيد وكلما كبرت، كلما مر الوقت بشكل أسرع.
يؤكد العلم حقيقة أن هناك 60 ثانية في الدقيقة و60 دقيقة في الساعة وسبعة أيام في الأسبوع... فمهما مر الزمن لن تتغير تلك المقادير ومع ذلك لا يبدو الأمر كذلك. لماذا؟
الجواب: لأن الزمن الفعلي والزمن العقلي هما شيئان مختلفان إلى حد كبير.
الوقت يمر سريعًا عندما تستمتع
تعمل أدق الساعات في العالم بوتيرة ثابتة، حيث تخطئ بمقدار ثانية واحدة فقط كل 300 مليون سنة. ولكن لماذا لا يستطيع الدماغ أن يحافظ على الوقت مثل الساعة العادية؟ بمعنى آخر، لماذا يتسارع الوقت عندما تستمتع، ولماذا يتباطأ عندما تشعر بالملل؟ستلاحظ أن الوقت الذي نقضيه مع أصدقائنا يمر بشكل أسرع بكثير من الوقت الذي نقضيه في انتظار نتيجة الامتحان مثلا. لقد وجد علماء الأعصاب أن السبب في ذلك هو أن دماغك عندما تتوقف عن الاهتمام بالوقت يقوم بتخزين عدد أقل من دقات ساعته الداخلية، مما يجعله يشعر وكأن وقتًا أقل قد مر.
من ناحية أخرى في المواقف التي تكون فيها أكثر وعيًا بالوقت - مثل عندما تنتظر موعدًا متأخرًا - سوف يحسب عقلك كل علامة لأنه ليس لديك سوى القليل من الأشياء الأخرى التي تشتت انتباهك، مما يجعل مرور الوقت أبطأ بكثير.
لذا في المرة القادمة التي تجد فيها أن اليوم يطول، حاول أن تصرف تفكيرك عن الوقت لتشتيت انتباه ساعتك الداخلية.
ماذا يقول العلم؟
لقد طرح البروفيسور أدريان بيجان أستاذ الهندسة الميكانيكية من جامعة ديوك Duke University في 2019 تفسيرًا رائعًا يفترض فيه أنه مع مرور الوقت يتباطأ معدل معالجة المعلومات المرئية وهذا ما يجعل الوقت "يتسارع" مع تقدمنا في السن.إن التغيرات الجسدية تلعب في أعصابنا وخلايانا العصبية دورا رئيسا في إدراكنا للوقت مع تقدمنا في العمر.وعلى مر السنين أصبحت هذه الهياكل أكثر تعقيدا لتبدأ في النهاية في التدهور، ما يخلق مزيدا من المقاومة للإشارات الكهربائية التي تتلقاها.
- وفقا لآلية عمل الدماغ:
وجد جو باتون عالم الأعصاب في مؤسسة تشامباليمود Champalimaud Foundation وهي مؤسسة خاصة للأبحاث الطبية الحيوية في البرتغال خلال دراسة على القوارض أن مجموعة من الخلايا العصبية تطلق ناقلا عصبيا يدعى الدوبامين و هو (مادة كيميائية تحفزالاحساس المتعة) تؤثرعلى طريقة إدراك الدماغ للوقت. عندما تستمتع تكون هذه الخلايا أكثر نشاطًا وتفرز الكثير من الدوبامين، ويحكم عقلك على أن وقتًا أقل قد مر بالفعل. بينما عندما لا تستمتع لا تفرز هذه الخلايا الكثير من الدوبامين ويبدو أن الوقت يتباطأ.
- وفقا لعلم النفس:
وهناك دراسات نفسية تدعم هذه الفكرة، فكر في العودة إلى ما كنت عليه عندما كنت طفلا. حاول أن تتخيل الإثارة التي شعرت بها قبل أن تبلغ الخامسة من العمر. الوقت الذي يستغرقه الانتقال من سن الرابعة إلى الخامسة يمثل 20 بالمائة من حياتك حينها. ولكن عندما انتقلت من التاسعة والأربعين إلى الخمسين كانت تلك السنة الواحدة تمثل 2% فقط من حياتك أي تسارعًا بمقدار 10 أضعاف في إحساسك بمرور الوقت. وفقًا لعلم النفس اليوم إذا طلبت من طفل صغير أن يجلس بهدوء ويغمض عينيه ويذكر متى مرت دقيقة، فإن معظم الأطفال سيبلغون عن مرور دقيقة خلال 40 ثانية أو أقل. قم بإجراء نفس التجربة مع البالغين وكبار السن، من المرجح أن يبلغوا عن مرور دقيقة خلال 60 إلى 70 ثانية. وهذا يؤدي إلى أن مرور الوقت يتحرك بشكل بطيئ لدى الأطفال مقارنة بالبالغين.
ماذا يعني ذلك؟
في مصطلحات الشخص العادي فإن "وقت الساعة" الذي يتم قياسه موضوعيًا و"وقت العقل" الذاتي البحت ليسا نفس الشيء. وقت العقل - الذاكرة - ليس دائمًا صادقًا. تعتمد الذكريات على التغييرات التي تخضع لها المحفزات البصرية إضافة إلى العواطف والصحة وعديد من العوامل الأخرى .نحن نعلم أن شيئًا ما قد حدث لأننا رأينا شيئًا يتغير. يكبر الأطفال مع تقدمهم في السن، ويتحول شعرنا إلى اللون الرمادي أو يتساقط، ونصبح أكثر بدانة ونحافة، ولكننا لا نصبح أطول أو أصغر سنًا.
نظرًا لأن الدماغ الأكبر سنًا يستغرق وقتًا أطول لمعالجة الأشياء، فإن هناك عنصرًا آخر يبدو أنه يجعل الوقت يمر بشكل أسرع هو حقيقة أنه بالنسبة للكثير منا فإننا ننجز أقل في نفس مقدار الوقت الذي كنا نفعله من قبل، مما يعطي الانطباع بأن الوقت يتحرك بشكل أسرع لأننا ببساطة نتحرك بشكل أبطأ.
فكر في فصول الصيف في شبابك. كانت الأيام لا نهاية لها مع مغامرات لا تعد ولا تحصى. لأما اليوم ما أن تستيقظ في الصباح حتى ينتهي اليوم تعود إلى السرير.